مرحباً اصدقائي الذين افتقدوني في الأيام الماضية، و مرحباً بمن لم يفتقدني و لم يدرِ انني لم اكتب لأكثر من عشرين يوماً، و اعتقد انكم انتم الأغلبية إن لم تكونوا انتم جل من يقرأ هذا الكلام 😅 و في الواقع غيابي لم يمس شعرة في هذا الكون الفسيح، و لكنه اثر على حياتي انا الشخصية، لم اتوقع اني سأفتقد الكتابة لهذه الدرجة، و كنت اشعر انني ممتلئة نهاية اليوم و أود ان افرغ مافي خاطري في مكان ما، لم انقطع عن الكتابة في دفتري اليومي و لكن افتقدت مشاركة ما اكتبه مع الكون الفسيح!
لماذا توقفت عن الكتابة؟
منذ بداية السنة و انا في دوامة، في شهر يناير بدأت سلسلة فحوصات طبية لمشاكل صحية أعاني منها و بعدها توالت التحاليل و الأشعات بشكل سريع حتى تم تشخيصي بمرض غريب و نادر في شهر فبراير، و قد كان الخبر صادماً نوعاً ما بالنسبة لي بالرغم من أنني أنا من شخصت نفسي بناءاً على الأعراض التي كنت اشعر بها قبل ان أبدأ اي من هذه الفحوصات. و بسبب ذلك اختل توازني النفسي و العقلي و فقدت القدرة لبرهة على تنظيم حياتي، لذا فضلت ان أتوقف قليلاً واستعيد انفاسي قليلاً ثم اعود من جديد الى ما كنت عليه من روتين و عادات!
لطالما كنت ارى ان حياتي و قصتي في هذه الدنيا غريبة، بالرغم من رتابتها اليومية الا انها تظهر لي عجبها اذا نظرت إليها بالمجمل و هذا ينطبق على مراحل كثيرة من عمري، قصة حياة فيها الكثير مما يستحق ان يروى و ان يكون عبرة للبشر!
حياتي الحبيبة لها عقلها الخاص و تحب ان تأخذني حيث تريد، و هي في قرارة نفسها تعتقد او تتخيل انها فيلم سينمائي و لا تتوانى في ان تفاجئني في كل مرة بمشاهد جديدة مليئة بالمغامرات والتحديات، و كأنها تقول لي "هل تعتقدين ان هذا كل شيء يا بثينة؟ انتظري فهناك فصل جديد من الأحداث العاصفة التي ستلقيك مئات الأميال خارج نطاق راحتك و تطوف بك في دوائر و سنرى كيف ستتصرفين معها!"
تحب ان تختبر ايماني، و مرونتي النفسية و الجسدية، هل سأتخطى ما أمر به و استمر في ان اعيشها؟ ام استسلم؟
و الان اضافت لي الحياة هذا المرض العجيب الى قائمة عجائبي التي لا تنتهي، عندما اخبرت صديقتي المقربة عن مرضي، واستني بكل لطافة الدنيا ثم ضحكت لتلطف الجو اكثر و قالت: حتى في مرضك يا بثينة انتي مميزة، لم يصبك الا ما هو نادر و غريب! ضحكت كثيراً على تعليقها، قلت بالفعل يا صديقتي الحبيبة، هكذا يكون الواقع الذي يقال عنه اغرب من الخيال!
منذ ان علمت بأني مستضيفة لهذا المرض في جسدي و اغلب ما اشعر به هو الخوف، الخوف من المجهول الذي يخبئه لي المستقبل معه. و منذ ان علمت به و انا اسبح رب العالمين سبحانه و اتفكر في حكمته، كيف يهدي لعبده البلاء الذي هو خيرة له، و لو تكشف لهذا العبد قدره امام عينيه و سُئل ماذا يختار لما اختار غير ما اختاره الله له، و ما عليه الا الصبر و الشكر و احتساب الأجر و طلب الشفاء و العافية.
لم اعهد نفسي مستسلمة و كما اطلق على نفسي انني "صملة" او "مستمرة" في اصغر امور حياتي و اتفهها، هذا الإختبار لن يكون غريباً او مختلفاً عن غيره بالرغم من صعوبته و مفاجأته، و كأنه صفعة على وجنتي التي تخدرت من تلقي الصفعات المتوالية، و لكن هذه المرة - كعادتي- ايماني بأن الله سيخرجني من ضيق المرض الى رحابة الصحة و العافية كبير، متوكلة عليه و كلي يقين ان القادم سيكون أفضل بكثير مما أنا عليه، و سأضيف ذلك الى بحر النعم الذي أغوص فيه كل يوم بفضل من الله تعالى في سماه.
قد تتسائلون ما هذا المرض، و يحق لكم ذلك لأني كقارئة فضولية لا احب ان اقرأ شيئاً غامضاً الى هذه الدرجة. أعدكم اني سأتحدث عنه قريباً بالتفصيل عندما اكون مستعدة، و ليس فقط لأشبع فضولك يا عزيزي القارىء، و لكن حتى اثقف الناس عن هذا المرض الصامت، لا يوجد الكثير من المحتوى العربي عنه بطبيعة ندرته و أيضاً لإفتقار المحتوى العربي من التجارب الشخصية عموماً و بالأخص تجارب الناس مع الأمراض و العمليات و غيرها. هل تعلمون ان اكثر مقالاتي قراءة هو مقال تحدثت فيه بالتفصيل عن عملية ابني منصور التي ازلنا فيها لحمية أنفه؟ بالرغم من سهولة و تكرار هذه العملية الا انه لا يوجد مشاركة للتجارب باللغة العربية و وصلني الكثير من الشكر من القراء لأني شاركتهم تجربة طفلي. لذا لن أبقي التجربة حبيسة عندي و سأتكلم عنها لعل احداً يستفيد و تساعده في اكتشاف و تشخيص و علاج هذا المرض.
هذا كل ما لدي من اخبار، عائدة ان شاء الله للكتابة الـ"شبة" يومية.
كونوا بالجوار!