كثيرة هي تنقلاتي التي تنقلتها في اخر ١١ سنة من حياتي، بين استراليا و السعودية و حالياً بريطانيا، انتقلت فيها بين ٧ بيوت في ثلاث مدن، و اغلب ذلك كان برفقة اطفالي!
تجربة التنقلات لم تكن سهلة ابداً، فقد كان يصحبها الكثير من :
البحث عن شقة مناسبة
ترتيب اغراض و حزم امتعة
فك اثاث و نقله عند انتقالنا من المكان القديم، و بيعه عندما نريد ان ننتقل الى دولة اخرى
شراء اثاث جديد اذا كان انتقالنا الى دولة اخرى و لم نجد شقة مؤثثة!
ترتيب البيت و محاولة ان نضيف له لمسات تعطيه حميمية المنزل
البحث عن حضانة او مدرسة للأطفال (مهمة شاقة!)
البحث عن مركز طبي مناسب او طبيب عائلة (متطلب في بعض الدول)!
الإستقرار كان جل امنياتي، و بالطبع جزء من هذا الشتات هو سنة كورونا ٢٠٢٠، في تلك السنة فقدنا اغلب ممتلكاتنا بعدما سافرنا و تركنا منزلنا في استراليا و لم نستطع الرجوع له بسبب اغلاق الحدود سنتين، و اضطررنا ان نطلب من اصدقائنا هناك ان يفرغوا المنزل كاملاً و يسلمونه لأصحابه، و لم نحصل منه سوى الممتلكات الثمينة الصغيرة التي لا تحتاج الى شحن!
اذا غضضنا البصر عن جمال او قبح كثرة التنقل، لا استطيع انكار انها علمتني دروساً في الحياة ليس لها نظير!
فيمكنني ان اصنف نفسي "خبيرة تنقلات بين الدول!" 😎 اعرف كيف اتنقل بخفة و لا ادع "الأغراض و الكراكيب" تقف عائقاً امام تنقلاتنا، أهم شيء في التنقل هو اننا سنكون سوياً، و كل ما سوى ذلك هو هامشي لا اهمية له!
حاولت ان احصر بعضاً من الحيل التي ساعدتني في التنقل بخفة، و هي كثيرة و لها تفرعات اكثر مثل الملابس و الأثاث و الخدمات و اختيار البيت المناسب و غيرها، و لكن ربما يفوتني بعضها و اعود لمشاركتكم اياها في تدوينة اخرى!
حيل لتساعدك على التنقل بخفة
🟣 اذا اردت الإنتقال من بلد الى اخر، في مرحلة التخلص من الأغراض و البيت و الأثاث في الدولة الأولى:
⬅️ استثمر في حقائب سفر قوية و تتحمل التنقلات و عنف موظفي المطارات في التعامل مع الحقائب، نحن نشتري حقائبنا الصلبة من Caterpiller
⬅️ التقليل من الأغراض:
التبرع بأغلب ما عندك للجمعيات الخيرية، الصالح منه فقط: ملابس، ادوات منزلية، صحون و مواعين و ادوات مطبخ، اثاث الأطفال و العابهم.
اذا اي مما ذكرت فيه تلف او غير قابل للإستخدام، تخلص منه بالطريقة المناسبة سواء كانت اعادة تدوير او في المهملات، و تذكر ان التبرع و الصدقة يكون من افضل مالك " لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ" (سورة ال عمران).
الأثاث مثل مراتب و أسرة النوم، الأرائك، الثلاجة و غسالة الملابس و ادوات المطبخ الكبيرة مثل الخلاط و المايكرويف و غيرها هي ما انصح ببيعه لأنها من الممكن ان تباع بمبلغ جيد اذا عرضتها للبيع خلال اسابيع، و لكن اذا اردت بيعها خلال ايام ستضطر ان تعرضها بثمن قليل حتى تتخلص منها بسرعة!
اي شيء تعتقد انه جيد و يمكن ان يستخدم و لا يصلح للتبرع و لا للبيع، حاول ان تعرضه على من يريده من اصدقائك و معارفك في البلد، و لا خجل في ذلك لأن تبادل الأغراض منتشر و بالأخص بين الطلاب -امثالنا- في تلك الدول.
لا تشحن اي شيء عبر شركات الشحن الا اذا كان ثميناً جداً و لا يمكنك التخلص منه، و من خلال تجربتي لم اجد اي شيء ثمين يستدعي الشحن، فالملابس و الألعاب و الأثاث و اغراض المطبخ و التحف و الديكور كلها اسميها "قرابيع" او اغراض لا حاجة لك بها، تستطيع العيش بدونها و التخفف منها لتعيش و تتنقل براحة بدون ان تثقل على نفسك!
في الأخير، انا و اسرتي نخرج من منزلنا في استعداد للإنتقال لدولة اخرى بحقائب سفر لا تتعدى الوزن المسموح في الطائرة، و عربية اطفال، و شنطة ظهر لكل واحد منا، فقط!!
🟢 اذا وصلت الى البلد الجديد المقصود:
حاول ان تجد شقة مؤثثة لتوفر عليك عناء الأثاث و اغراض المطبخ و غيرها، و لكن اذا لم تجد و ذلك يكون اغلب الحال في بعض الدول، فعليك ان تكون خفيفاً في تأثيثك.
اشتر اثاث بسيط و خفيف و سهل التركيب و الفك و رخيص السعر، طبعاَ لا يخفى على الجميع ان أيكيا افضل خيار لمثل هذه الحالات، و اذا كنتم مثلي لا تحبون الأثاث المعتاد المكرر الموجود في ايكيا، و هي بالأغلب تلك الطاولات و الكنبات و الأسرة التي تنتشر بين الناس لأنها بأقل الأسعار هناك، و هذا لا يعني انها ذات جودة قليلة، بل العكس صحيح، و لكن انا لا افضلها لأني استخدمتها و بعتها اكثر من مرة خلال تنقلاتي و "طفشت" منها! و لكن اكتشفنا حيلة تجعلنا نحصل على قطع اثاث جميلة بسعر اقل، و هي انه في كل فرع من فروع ايكيا يوجد منطقة فيها اثاث مخفض بسبب انه تم ارجاعه من عملاء سابقين او يوجد به خلل مصنعي، اشترينا منها اجمل القطع الغير مكررة بدون اي تلف و بأسعار معقولة جداً، و لدينا أيضاً اشتراك عائلة يتيح لنا الحصول على عروض خاصة و خصومات ممتازة.
بالنسبة لأدوات المطبخ، كل شخص في العائلة له مواعينه الخاصة، و لا نتعدى عدد اسرتنا، فنحن لدينا اربعة صحون كبيرة، اربعة ملاعق، اربعة شوك، اربعة صحون غائرة و اربعة اكواب و كاسات ماء و هكذا! في السابق كان لدي مواعين اضافية في حال استضافة ضيوف، و لكن الان لا يوجد لدي اي اصدقاء في لندن لذلك نعيش على عددنا من المواعين، فهي اسهل في الغسيل و التخزين و الاستخدام.
الثلاجة و الغسالة بالطبع ضرورية و يجب اقتنائها، و افضل طريقة هي شرائها مستعملة، و تجد الكثير منها معروض و بحالة جيدة خصوصاً اذا بيعت عن طريق طلاب لأن بعضهم يشترونها جديدة و يستخدمونها قليلاً خلال ثلاث سنوات دراسة (غالباً استخدام شخص واحد) ثم يبيعونها.
المكتبة و اللوح مهمة بالنسبة لي لأني احب ان يكون منزلي حميمي و يعبر عني و عن اسرتي،من اهم قطع الأثاث التي اقتنيها هي المكتبة، تحمل كتبي و كتب اطفالي و هي كذلك قطعة ديكور ممتازة و نضعها في منتصف غرفة الجلوس بديل للتلفاز. و اللوح كذلك تحول البيت الى منزل حميمي، لذا جدران بيتي لا تخلو من اللوح و لكن تكون رسماتي انا و رسم اطفالي، اشتري بعض البراويز من ايكيا و الصقها مع رسماتنا على الجدران لتزيينها.
السجاد ايضاً لا استغني عنه و لكنه ليس ضرورياً للآخرين، لا احب برودة ارضيات البيوت الرخامية او الخشبية، لذا اشتري بعض السجاد اذا لم يكن البيت فيه سجاد، و يكون من ايكيا حبيب القلب!
الخزائن غالباً تكون مبنية في جدار في غرف النوم، و لا نضطر الى شراء خزانة، هذه المرة لا يوجد في شقتنا الا خزانة واحدة لا تكفي لملابس اربعة اشخاص، لذا اشترينا ادراج كبيرة اشتركت فيها انا و طفلتي لأن ملابسنا قليلة!
المايكرويف و غلاية الماء و حماصة الخبز انا اعتبرها ضرورية و لكنها فعلياً اختيارية و يمكنك الاستغناء عنها و التخفف منها،و اقتنِ من ادوات المطبخ الكبيرة ما تراه مناسب لإحتياجك و احتياجك فقط، لا تقتني ما تعتقد انك ستسخدمه مرة او مرتين، مثل قدر الضغط او طباخة الرز او خلاط العجين و غيرها.
منذ بدأنا في التنقلات مع اسرتي الصغيرة، تعرفنا على مبدأ التخفف "minimalism" وانتهجناه، حتى اطفالي مقتنعين تماماً بعدد العابهم البسيط و اعتادوا على التبرع الدوري بما عندهم، لكل واحد منهم صندوق ألعاب متوسط و رف على المكتبة لا يزيدون عن ذلك، و عند تنقلنا نتخلص من كل شيء و نأخذ ما يحبونه جداً، و غيرها يذهب الى سبيله!
ملابسنا قليلة، و أغراضنا الشخصية قليلة، لا نشتري الكثير و نفكر بالجودة و الإستدامة في كل المنتجات التي نقتنيها.
اذا اردتم ان تعرفوا اكثر عن هذا المبدأ، انصحكم بمشاهدة فيلم The minimalists على يوتيوب هنا .
هذا كل مافي جعبتي لهذا اليوم!
ماذا عنكم يا قرائي الأعزاء، هل انتقلتم من دولة الى اخرى من قبل؟ كيف كانت تجربتكم؟
هل عانيتم مع كثرة الأغراض؟ ام تتنقلون بخفة مثلنا؟
اذا لم تنتقلوا من قبل، لا بأس فهي تجربة مرهقة في كل الأحوال، لكن لا تنسوا ان تتركوا تعليقاً لطيفاً يخبرني انكم قرأتم المعلقة الطويلة التي كتبتها هنا!