اذا كنت من متابعي مدونتي فأنت بالتأكيد متابع لتغيير عاداتي الذي يأتي على حين غرة بين الفينة و الأخرى، فتارة اقطع علاقتي بالقهوة و تارة اقطع علاقتي بأحد مواقع التواصل الإجتماعي و تارة اقرر الإلتزام بتجربة منتج ما ثم ألتزم بالرياضة و هلم جراً!
كل هذا جزء من العادات التي احب ان أتفحصها بالمنظار طوال السنة، اقيم عاداتي و ما الذي افعله بإستمرار و اغير و اضيف اليها حتى أحسن من حياتي و ازيد سعادتي، فأنا اعتقد ان العادات التي تقوم بها يومياً او دورياً هي ما تساعد على راحة البال و السعادة على المدى القصير و الطويل!
هذه السنة بالذات كانت حافلة بتجارب اضافة و ألغاء الكثير من العادات، و أحاول قدر الإمكان ان التزم بها يومياً لأنني لا احب انصاف الحلول، لا تقل لي ان تقوم بالرسم مرة في الإسبوع، اذا اردت ان ابني عادة الرسم و التدرب عليها فعلي ان اقوم بها يومياً و الا لن استمر، لكن التغييرات التي سأتحدث عنها هي تغييرات شاملة قد لا ينبغي تطبيقها يومياً.
ما التغييرات التي تبنيتها في ٢٠٢٣؟
صلاة الليل و الدعاء
في السنتين الماضية بنيت عادة لدي و هي الصدقة اليومية بمبلغ بسيط لا يتعدى سعر قهوتي الصباحية، و كنت اقنع نفسي انها مثل عزيمتي لشخص احبه كل يوم على كوب قهوة نحتسيه معاً، ما الضير في ان تعزم لصحيفتك بعضاً من الأجر اليومي الذي يدفع عنك البلاء و يلين قلبك؟
هذه السنة اضفت صلاة اخر الليل الى عاداتي التي تغذي روحي، أحب شعور مناجاة الله بدون حواجز في الظلام لوحدي، احس بالسكينة و الطمئنينة الفورية، شعور لا يشابهه اي شعور اخر في هذه الدنيا، فأنا جربت الكثير من طرق التأمل و التركيز على التنفس و غيرها من الطرق التي تساعدك على الإسترخاء و تهدئة نفسك، لكن لا شيء ناجع بالمعنى الكامل سوى صلاة الليل و مناجاة الله، ربما اصعب مافيها هو الإستيقاظ قبل الفجر للصلاة، و لكن أنا منذ فترة أعاني من أرق عجيب يجعلني أستيقظ في منتصف الليل من عز سباتي، و هو مضر نافع، فقد ساعدني على ان اواظب على صلاة اخر الليل و الدعاء.
قد لا يحبذ البعض ان يقول ما يفعله بينه و بين الله جل في علاه، و لكن أنا احب مشاركته من باب تحفيز الأخرين ليحذوا حذوي.
كظم الغيظ
هذه السنة حاولت ان الا ابدي غضبي كثيراً، انا بطبيعتي لست عصبية و لا حانقة، و ابدو دائماً للأخرين انني رائقة البال و هادئة. لكني مثل اي شخص آخر انفعل و اغضب في بعض المواقف المستفزة.
هذه السنة مررت بالكثير من المواقف التي تستدعي الحنق و الجدال و لكن انا قررت ان "اكبر راسي" و اترك الحياة تمضي بدون ردة فعل! و كم وجدت ذلك جميلاً و مريحاً للأعصاب، و يجعل يومك اسعد و اهدأ، لأنني لا اعود لأفكر في الموضوع مرة اخرى، و ارميه خلفي و امضي في الحياة.
تبنيت المثل القائل "الكلمة الحلوة بدها"
احب ان اتأمل الجمال و اراه فيما حولي، و اذا رأيت شيئاً اعجبني أحب ان اقول و اعبر عن ذلك، مثلاً في الإسبوع الماضي كانت بائعة صغيرة في مكتبة ترتدي شالاً اخضراً جميلاً متناسق جداً مع لون عينيها البراقتين، اعجبني جداً مظهرها و كأنها رسمة فنان، لم اخرج من المكتبة بدون ان امتدح عينيها و رأيت فيهما السعادة و الإبتهاج عندما سمعت ما قلت! خرجت من المكتبة بكتاب و ابتسامة على وجهي و وجهها، أليس ذلك رائعاً؟
هذه عادتي منذ فترة طويلة، تبنيت و انتهجت حديث رسول الله " و كل كلمة طيبة صدقة"، احب هذا الحديث كثيراً فهو يعبر عن رقة و حنية مبدأ الصدقة التي حتى الكلمة البسيطة يجازي بها الله سبحانه!
و لكن هذه المرة قررت ان آخذه معي الى الانترنت، اصبحت لا اقرأ مقالاً و لا تدوينة و لا تغريدة الا و اترك تعليقاً اذا اعجبتني او استفدت منها، اشكر الشخص و اقول ما اعجبني، هذا يسعد الاخرين و يشعرهم ان كلامهم مقروء و وصل للناس، لا احب ان اقرأ و امشي مثل شبح عابر، قد يكون تعليقي البسيط هو اجمل ما حدث لهم في هذا اليوم، و صدقوني هذا ما اشعر به اذا وصلتني تعليقاتكم على كتابتي و مقالاتي!
لا اترك شيئاً حتى انهيه
الكثير منا يتحمس مع البدايات، بداية مشروع جديد و بداية كتاب جديد و بداية دايت جديد و بداية تنظيف خزانة ملابسك! اي بداية تكون مليئة بالحماس، و لكن قد ينطفىء حماسك و تتوقف و تبدأ بالتسويف الى ان يتراكم الغبار على ما كنت تفعله و تنساه! انا هذه السنة قررت ألا افعل ذلك، اذا بدأت بقراءة كتاب و أعجبني فأنا حتماً سأنهيه، اذا بدأت بالكتابة فلا اقوم عن الكرسي حتى انهيها، هذا كله يقلل من المشتتات لأنني اركز كثيراً في العمل الذي بين يدي، و يفعمني بعدها شعور السعادة المصاحبة للإنجاز الذي انجزته! و ما ساعدني في ذلك هو اني أعلم انه لا وقت لدي للتسويف مع وجود مسؤوليات اخرى كالدراسة و الأطفال و المهام المنزلية و غيرها، فإذا سنحت لي الفرصة ان ابدأ شيئاً استغل كل دقيقة لأنهيه بدون تشتت!
و هذا ما جعلني اخترع جملتي الفلسفية "اذا خاضت يدك في الماء، أكمل الخوض"، كتبت عنها تدوينة هنا!
كتابة اليوميات
بدأت في شهر مارس الماضي كتابة يومياتي في دفتر صغير اخضر، كنت و مازلت اكتب فيه و لكن اشتريت دفتر اخضر اخر، و المضحك في الموضوع انني اشتريت الثاني بدون ان افكر ان السابق كان اخضراً ايضاً، ربما هذا اقتراح من عقلي الباطن ان ايامي كلها خضراء سعيدة "يا رب!"
لماذا قررت ان اكتب يومياتي؟
منذ طفولتي و انا احب ان اكتب يوميات و احداث مهمة تحصل في حياتي، فقد كتبت عن اخر يوم دراسي لي في الصف الثالث متوسط مثلا، و يوم تخرجي من الثانوية، اكتب كل التفاصيل حتى ملابس صديقاتي و مشاعري و افكاري، و الى الان ارجع لقرائتها و اضحك، تبعث فيني شعور جميل من الحنين و الاستغراب لكيف كان تفكيري و انا صغيرة!!
هذه السنة اعدت النظر في الموضوع، و حسبت كم سألبث في هذه الدنيا، لنقل انني مثلاً سأعيش الى ان ابلغ السبعين من عمري، و انا الان في الثلاثين، أي انني سأقرأ مذكراتي بعد ٤٠ سنة و اضحك بنفس الطريقة، حن قلبي على بثينة ذات السبعين عاماً، لماذا احرمها من هذه الضحكات؟ و كان هذا سببي الذي اقنعني ان احتفظ بذكرياتي هذه مكتوبة بخط يدي لاضحك و اضحك بفمي الفارغ من الأسنان حتى اسعل و اتحشرج!
اعطيت فرصاً ثانية للهوايات و الأشياء التي لا احبها
هذه السنة قررت ان انوع في هواياتي، او بالأحرى هو ليس قرار و انما جاء من الفضول و حب التجربة!
طوال حياتي كنت اكره احاجي التركيبات "puzzles" وهذه السنة تحديت نفسي و بدأت بتركيب واحدة تحتوي على ٣٠٠ قطعة، و بعدما استمتعت بها كثيراً، ركبت واحدة مكونة من ١٠٠٠ قطعة، هذه الأخيرة كنت اركبها بالتزامن مع العد النهائي لتسليم رسالة الدكتوراه، و كنت اركبها في اوقات راحتي من كتابة الرسالة، كنت احسب الوقت و اقول هل سأنهي كتابة الرسالة اولاً ام هذه التركيبة؟؟
المضحك انني انهيت الرسالة و وضعت اخر حبة تركيب في نفس اليوم!!!! كان حدث مضحك جداً و كأنه مشهد في فيلم حياتي! و بالطبع صورته و احتفلت به مثلما احتفلت بتسليم الدكتوراه!
و الهواية الأخرى التي اعطيتها فرصة هي السودوكو و بعدما نجحت في حل اول احجية سودوكو و عرفت كيف افك اللغز الذي كان يخيفني منها، بدأت استمتع بها و أضفتها الى قائمة ألعابي التي استمتع بلعبها لتهدئة عقلي. هذه واحدة هدية مني، حلوها و شاركوني الحل!
التلوين و الرسم
بدأت عادة الرسم في السنة الماضية، و لكن هذه السنة كنت اتنقل بين الرسم الحر و بين التلوين في دفاتر التلوين التي انتقيها بعناية من مواقع مثل امازون، أحب ان انهي يومي بعد العمل بالجلوس مع اطفالي و التلوين، هذا النشاط يجعلنا جميعاً نهدأ و نستكن و نتحدث عما يحلو للأطفال الحديث عنه، طبعاً بعد جلسة التلوين ينقلب الهدوء و الاستكنان الى عواصف فقرة الإستعداد للنوم!
مقاطعة الكافيين
أحب القهوة حباً جماً، و قد عبرت عن مشاعري في تدوينة سابقة عن مقاطعة القهوة و اقتبس منها
القهوة رفيقة المخ و المزاج الرائق، حبيبة الروح و القلب و منخري الأنف، تقف معي في السراء و الضراء،و تدلك فصوص دماغي بلمسة من الكافيين الدافيء الحنون، لديها قدرة عجيبة على تفكيك شربكة افكاري و غسل النعاس من عيني، لله درها كم اعشقها !مهما فعلت بي القهوة فأنا أسامحها، غيرت لون اسناني و اصبحت ضاربة للصفرة، لا بأس يا حبيبتي سامحتك! ارقتني و سلبت النوم من عيني في كثير من الليالي، لا بأس يا روح الروح سامحتك! مغصت بطني في بعض الأيام و في أيام اخرى جعلتني ازور بيت الخلاء اكثر من المعتاد ، لا بأس يا رفيقة المزاج سامحتك! كيف طاوعني قلبي ان اتركها بالرغم من مشاعري المتدفقة تجاهها و حبي الفياض؟
طبعاً اعلنت فشلي و رجعت الى القهوة بقوة، الان عدت للمقاطعة لأسباب صحية و اهمها الأرق، و مقاطعتي هي لمكون الكافيين و ليس القهوة بحد ذاتها، و لي الان قرابة الشهر و نصف بدون كافيين، قاطعت حتى الشاي و الشاي الأخضر و كل ما فيه كافيين. استبدلتها جميعاً بالقهوة و الشاي منزوعة الكافيين و الأعشاب.
و اؤكد لكم و انا على الضفة الأخرى من النهر ان الحياة اصبحت افضل و نومي تحسن الى حد ما، و اعصابي صارت اهدأ و لا ارى الحاجة للعودة اليها.
هذا كل مافي جعبتي اليوم!
شاركوني ما الذي غيرتموه في هذه السنة و حسن من جودة حياتكم؟
اكتبوا لي تعليقاتكم فأنتم الان طبعا تعلمون ان لها قلبي يسعد و بها يطرب!