رفيقاتي الأمهات اللواتي يعانين من الالتزامات الاجتماعية المتأخرة، سأحكي لكن معاناتي و معاناة من هن على شاكلتنا و عِدوني ان نحاول ان نبدأ انتفاضة قوية ضد هذا النوع من الزيارات و الاجتماعات المرهقة!
في يوم من الأيام دعتني احدى معارفي على زيارة في مزرعة، خاطبتني و قالت تعالي انتي و طفليكِ لأنها جمعة مع أطفال و ليست نساء فقط، سألتها متى ستجتمعون؟ قالت بعد صلاة المغرب، و صلاة المغرب كانت بحدود الساعة السابعة و النصف. الوقت متأخر و قررت الإعتذار بأدب عن قبول الدعوة لأنه لا يمكنني الذهاب بدون اطفالي و لا استطيع تركهم عند احد الى وقت متأخر من الليل و لا يوجد عندي عاملة تساعدني في الاهتمام بهم اثناء الزيارة او اني اتركهم عندها في البيت، و بحسب تجربتي، الذهاب لتلك الجمعات المتأخرة مع اطفالك هو مثل الدخول في قلب الإعصار، يحوم بك و يصول و يجول ثم يرميك، لا يحيلك الى جثة هامدة و لكن يخلف لك دمار شامل في محيطك يتطلب منك يومين لتلملمه و تعيد كل شيء الى سابق عهده و سكينته.
لنعمل حسبة بسيطة للوقت و الجهد الجسدي و النفسي المستقطع لهذا النوع من الزيارات:
الإستعداد لها: سيبدأ الإستعداد لها من الظهر، يتضمن الاستعداد: استحمام و لبس و تزيين للشعر و تحضير طبق من الطعام لأنه طبعاً لا يصح ان احضر بدون ان اساهم. و بالنسبة لي ابدأ تحضيراتي مبكرة حتى اخرج للمشوار على الوقت.
مسافة الطريق: المزرعة كانت في الطرف الاخر من الرياض، و بحسبة المسافة و الزحمة من الممكن و بكل بساطة ان يأخذ مني المشوار اكثر من ساعة!
الوقت المهدر: اذا خرجت ساعة و نصف قبل الموعد سأصل الساعة السابعة و النصف، اكون اول الواصلين طبعاً، و نتتظر توافد المعازيم اللواتي قد لا يصلن الا الساعة التاسعة، و هن ما اطلق عليهن "هوانم قاردن سيتي" لأنه اغلب ترتيبات الاجتماع تتغير لأجلهن، فبطبيعة الحال يتأخر تقديم القهوة و الشاي لحين حضور الجميع، و لا يصح ان يقدم العشاء فوراً بعد ضيافة المشروبات، لذا سيتأخر العشاء هو أيضاً الى ما بعد منتصف الليل، و اذا قلت انني سأعود الى البيت بعد عشاء منتصف الليل يكون الوضع مستهجن و يجب ان اقدم الأعذار و اقاوم الحلول التي يعطونني اياها كي اكمل السهرة مثل:" ماعليك من نوم الأطفال خليهم ينامون هنا على جنب، ما عليك اشربي قهوة تصحصحك عشان تسوقين بعدين، خربيها يوم واحد وش بيضرك؟ لا تصيرين نظامية وسعي صدرك و اسهري!"
رحلة العودة بالسيارة تكون مليئة بالنكد و الزن من الأطفال المتعبين النعسانين، حتى الكبار منهم يتغير مزاجهم و يفتعلون المشاكل و النكد في تلك الرحلة المشؤمة، و تبدأ المناكشات بين الإخوة، و رحمة الله تحفُّنا اذا غلبهم النوم و ساد السكون، و لكن هذا خطير أيضاً اذا كنت اقود السيارة و انا اشعر بالنعاس، لذا لا اقود في الليل الا و انا استمع لشيء يبقيني يقظة طوال الطريق!
اليوم التالي يكون يوم فقدان الوعي الجماعي في البيت، الكل نائم الى وقت متأخر و بعدها احتاج يومين كي اعدل نوم الصغار ليرجع الى الساعة الثامنة ليلاً.
معادلة الوقت و الجهد لمثل هذه الزيارات
ساعة او ساعتان من الاستعداد لها + ساعة في طريق الذهاب + خمس ساعات نقضيها في الزيارة+ ساعة في طريق العودة= ثمانية او تسع ساعات مستقطعة من يومك و يوم اطفالك!!
هل فعلاً تستحق هذه الزيارة كل هذا الوقت؟؟
بعض الحلول التي يمكن ان تقومِ بها للتقليل من ضرر هذه الزيارات
تدهشني احدى صديقاتي بما تفعله لتتعايش مع هذا النوع من الزيارات المتأخرة التي لا مفر منها في حياتها:
١. تحاول دائماً ان تذهب برفقة عاملة تساعدها، و اذا لم تجد فهي تجتهد و تحاول بشتى الطرق ان تجعل هذه الزيارة برداً و سلاماً عليها و على اطفالها!
٢. تأخذ معها علب فيها أكل مناسب لأطفالها و لا تضع نفسها تحت رحمة مواعيد حضور المعازيم و تأخر الطعام للأطفال.
٣. تحضر معها ملابس نوم الأطفال و فرش الأسنان، تلبسهم و تغسل اسنانهم قبل ركوب السيارة للعودة و اذا ناموا في الطريق فلا تحتاج سوى ان تحملهم كلن الى فراشه.
٤. في اليوم التالي توقظ اطفالها في وقت مبكر كي لا يضطرب نومهم، و في الغالب ينامون الى وقت متأخر عن المعتاد و ما باليد حيلة!
ما هي الزيارة المثالية مع اطفال؟
بالطبع هي الزيارات التي تكون مبكرة!
احب دائماً ان ازور او اخرج مع صديقاتي و اطفالهن بعد صلاة العصر، و نستغل وقت النهار عندما يكون الأطفال في قمة نشاطهم و افضل مزاجهم، يلعبون بحد اقصى ثلاث ساعات اذا لم يكن اقل، ثم نتعشى و بعدها نفترق! لا نحتاج الى استقطاع الكثير من يومنا لهذه الزيارات، اربع ساعات كافية جداً، و اذا كانت اقل "يا سلام!!"
ارحموا اطفالكم يرحمكم الله!!
ارجوكم لا تسهروا الأطفال و تتعبوهم بأخذهم الى زيارات متأخرة كهذه! الاحظ الكثير من حولي لا يعبأ بمواعيد نوم الأطفال و لا يهتم بالمجهود النفسي و الجسدي الذي يكابده الطفل ليجاري امه و ابيه و هو معهم في تلك الاجتماعات، فالطفل يحتاج الى وقت للسكينة و الهدوء في نهاية يومه، خصوصاً لو كان الطفل صغيراً جداً. قد تلاحظ الأم كثرة بكاء طفلها في مثل هذه الأماكن و قد يفسره البعض انه "مستنكر الناس"، و لكن هناك احتمالية كبيرة ان الطفل يتضايق و يشعر بالـتحفيز الزائد او ما يسمى بالـ overstimuulation و قد كتبت عنه و عن تجربتي معه في هذه التدوينة.
هذا كل مافي جعبتي لهذا اليوم!
ماذا عنكم يا رفاق، هل تعانون مثلنا من الزيارات المتأخرة؟
هل لديكم حلول تخفف من ضررها عليكم؟
هل انتم ممن لا يعني لهم هذا الأمر و مستمرون في السهر مع الأطفال في تلك الزيارات؟
و ماهي الزيارة المثالية بالنسبة لكم؟
شاركوني في التعليقات التي تبهجني أيما ابتهاج و ترسم ابتسامة واسعة على وجهي!
Comments