top of page
صورة الكاتببثينة اليوسف

سنة كاملة بدون وسائل تواصل اجتماعي، ما الذي تغير في حياتي؟




مرحباً يا رفاق!

هل تصدقون انه مر من الزمن سنة و نصف و أنا مقاطعة لوسائل التواصل الإجتماعي؟

منذ شهر اغسطس ٢٠٢١ و انا أعيش حياتي بدون حسابات في انستغرام و تويتر و سناب شات، و بطبيعة الحال لم انضم الى تيك توك من الأساس، كنت و مازلت اعتقد انه برنامج للمراهقين، و لكن ذاع صيته بين من هم اكبر من ٢٥ سنة و اصبح العديد من مستخدميه من هذه الفئة العمرية.


ما الذي تغير في حياتي بعد هذه المقاطعة الطويلة و المستمرة الى الآن و ان شاء الله الى الأبد؟


تغير الكثير!


اود ان اسرد لكم التغييرات و اشرح بإسهاب عن مشاعري و تجربتي و حياتي بدون هذه البرامج، و لكن على سبيل التغيير قررت ان اجري لقاء صحفي مع نفسي بشأن هذا الحدث الجلل، و لم اجد افضل من صديقتيَّ العزيزتين سارة و مها ليضعن لي بعض الأسئلة و أتخيل انهما صحفيتان فذتان في مجلة مرموقة من التسعينات.


بما ان سارة و مها كان لديهن تساؤلات متقاربة، جمعتها و رتبتها بما اراه مناسباً.


مالسبب/ الأسباب وراء هذا القرار؟

ذكرت جميع الأسباب بإسهاب في تدوينة سابقة كتبتها بعدما حذفت كل حساباتي في وسائل التواصل الإجتماعي تجدونها هنا .

بإختصار كنت اشعر بالدوار من كثرة المعلومات الغير مهمة التي يتلقها دماغي كل يوم، لا احب ان اعرف اي شيء عن الاخرين، سواء كانوا من المشاهير او من المقربين.

اذا يهمني ان اعرف اخبارك سآتي بنفسي و اسأل عنك و احادثك، لا حاجة لمتابعة صورك او تغريداتك. و طبعا السبب الاخر هو ضياع الوقت الذي يعاني منه أغلب مستخدمي هذه البرامج!


لماذا حذف كل شيء وليس الانقطاع بالتدريج؟ من اين اتتكِ الشجاعة لتحذفي كل شي؟

قد يكون الانقطاع التدريجي هو الحل المنطقي و المناسب لبعض الناس، و لكن انا بطبيعة شخصيتي لا استطيع ان اغير عاداتي السيئة بالتدريج، اذا قلت لي ان اكل الشوكولاتة مضر و يجب ان تأكلها مرة واحدة في الاسبوع، يصعب علي اختيار هذا اليوم و الالتزام به، و يصعب علي ان اقرر كم قطعة من الشوكولاتة مسموح لي ان اكلها في ذلك اليوم، لذا تخفيفاََ من عبء و ضغط تنوع الخيارات سهلت على نفسي المهمة و قطعت كل صلتي مع تلك البرامج كلياً، حتى لا اعطي نفسي مجالاً للعودة اليها.

قد يكون الحذف النهائي امر صعب لدى البعض، و انا منهم، حيث ان تلك المواقع تحمل الكثير من الذكريات و شهدت التغييرات التي حدثت لي، سواء كان تغيير في الافكار و ما انشره على تويتر او ذكريات صورية في انستغرام.


هل تعتقدين ان كل وسائل التواصل الإجتماعية سيئة؟ سناب وتيك توك بالتأكيد سيئة، لكن ماذا عن تويتر؟

في الحقيقة لا اؤمن بالسوء المطلق لكل تلك المواقع، حتماً لها جوانب تفيد المستخدمين و جوانب اخرى يتضررون منها.

تجربتي مع هذه المواقع لم تكن سيئة تماماً، بالطبع استمتعت في كثير من الأحيان و عرفتني تلك المواقع على أشخاص مميزين. لكن لم اعد احتمل الجوانب المضرة التي اثرت على حياتي و تركيزي الذهني.


تويتر بالتحديد هو ما يثير حنقي و يزيد توتري، ذلك الموقع مليء بالأخبار السلبية و الخلافات و المشاحنات التي لا تعنيني في شيء. لذا كان من المواقع التي سهل علي حذفها بدون تأنيب ضمير.


ماذا كسبتي من حذف المواقع؟

كسبت وقتي، اكتشفت ان وقتي هو اثمن ما عندي!

قلَّت المشتتات في يومي و زاد تركيزي في العمل و احسست فعلاً بالصفاء الذهني.


ماذا خسرتي؟

حذفي السريع لكل حساباتي خسرني التواصل مع بعض الناس الذين تعرفت عليهم في تلك البرامج بسبب تقارب الاهتمامات بيننا و كنت اتواصل معهم بشكل شخصي.

أيضاً فقدت سهولة مشاركة التدوينات، كان تويتر سابقاً هو الموقع الذي يصلني منه اغلب زوار المدونة. الآن فقدت الكثير من القراء لانه لا يوجد لدي منفذ للإعلان عن التدوينات الجديدة سوي نشرتي الإلكترونية. لكن اطمح الى ان يكون الوصول للمدونة اكثر عن طريق البحث في قوقل او عن طريق مشاركة التدوينات بين القراء.

عدا عن ذلك اعتقد ان مكاسبي من حذف هذه البرامج طغت على الخسائر.


كيف تقضين وقت فراغك الآن؟

الان وقت فراغي اصبح اكثر بكثير من السابق، حيث ان استخدامي للهاتف المتنقل اصبح اقل بمراحل!

صرت اقرأ اكثر، انهيت العام الماضي ما يقرب الثلاثين كتاب و الان انا بصدد انهاء الكتاب التاسع عشر منذ بداية سنة ٢٠٢٣.

و اقضي الكثير من وقتي في اللعب مع اطفالي و الرسم.


إلى ماذا تشتاقين في مواقع التواصل؟

ربما افتقد سرعة وصول الاخبار لمسمعي، او على سبيل الدقة "نظري"، حيث اني الان دائماً اخر من يعلم عن اخبار العالم.

لكن هل يهمني ذلك؟ بتات البتة!

أفضل الشعور بالجهل على ان اغوص في معمعة المعلومات الفائضة و الغير ضرورية التي تغص بها مواقع التواصل الاجتماعي، و الخبر الذي يهمني حتما سيصلني بشكل او بآخر.


هل تنوين الرجوع؟ لماذا؟

احببت شعور ان تكون بصمتي الإلكترونية محدودة، او كما يقال بالإنجليزية "digital footprint"، و هي المعلومات و الاخبار عن الشخص بسبب نشاطه الإلكتروني.

حالياً لا امتلك اي حساب على مواقع التواصل،و لا اعتقد اني سأعود اليها في اي حال من الأحوال. ربما اذا اضطررت لذلك، مثل ان ابدأ تجارة إلكترونية او مشروع يحتاج ترويج على الانترنت.


حسنًا، هل تحول إدمانك إلى أماكن أخرى مثل يوتيوب أو بنترست أو أي شيء آخر أم أنك فعلًا تخليتي عن تفقد الجوال في كل دقيقة؟

لفترة معينة انتقل ادماني من استخدام تويتر و انستغرام الى مشاهدة الكثير من المقاطع على اليوتيوب، تداركت نفسي هذه السنة و قمت بعمل تنظيف (detox) من اليوتيوب لمدة اسبوعين، ثم استخدمت برنامج مثبت في متصفح قوقل كروم (unhooked-youtube) يقوم بفتح صفحة اليوتيوب لحسابك بدون ان يظهر الفيديوات المقترحة عليك بإستخدام لوغاريتمات الموقع.

أي انك تحصل على صفحة بيضاء في اولها يوجد خانة البحث و لا شيء غيره. و اذا ضغطت على اي مقطع فيديو يظهره لك بدون تعليقات الناس و بدون المقاطع المقترحة التي تظهر غالباً بجانب الفيديو.

هذه التغييرات عززت من مقاطعتي لليوتيوب.


كيف ستصلين إلى شريحة اكبر من القراء بدون تواجد افتراضي على المواقع؟

هذه احدى معضلات الابتعاد عن وسائل التواصل الاجتماعي، لا احد يعرفك او يعرف ما تكتبه بدون ان تصلهم عن طريق تلك المواقع.

لا ضير في ذلك، أعتقد ان كل من يهتم بالتدوين سيصل الي مدونتي و يقرأها.


بما أن محتوى السوشال ميديا هو مادة لفتح المواضيع في المجالس، كيف تشعرين إن كان الحديث دومًا عن ذلك وأنتِ لا تستطعين المشاركة؟

هل تعلمين يا صديقتي ان هذا الموقف يعزز شعور الرضا عن نفسي؟

لطالما وددت ان اكون جاهلة بسفاسف الأمور و أغبط صديقاتي اللواتي لا يعرن اهتماماً لتلك المواضيع المتعلقة بكل ما هو و من هو مشهور على تلك المواقع.

كيف تجيبين على من يحسسك بأن الدنيا فاتتك لأنك لا تابعين المشاهير ولا تعرفين كل جديد؟

الاهتمامات أمر نسبي يختلف من شخص لآخر، ماهو مهم بالنسبة له قد يكون امراً لا القي له بالاً و لا افكر فيه.

قد يفوتني لاحقاً احساس الذاكرة الجمعية التي قد تتكون من متابعة المواضيع الجديدة و الأحداث التي تحصل في ما يسمونه ال pop-culture، و لكني في الوقت الحالي أؤثر ان اسلك طريقي الخاص في هذا الشأن و اكتفي بالذاكرة الجمعية التي كونتها من مرحلة الطفولة و المراهقة.


هل تحسي انه حذف حساباتك في تلك المواقع جعلت علاقاتك مع معارفك أعمق، أسطح، أو لا فرق؟

بالطبع!

عرفت الان كل من يهتم بي سيصل الي بمكالمة او رسالة و انا ابادلهم نفس الاهتمام و التواصل خارج نطاق العالم الإلكتروني الافتراضي، اما من كانت علاقتنا محدودة بمحادثات سناب شات او لايك على انستقرام اصبحوا بعيدين نوعا ما.

و أيضاً بدون التفقد المستمر لجوالي و التنبيهات، اصبحت جلساتي و محادثاتي مع اطفالي اعمق و اطول و أجمل.

قد يكون صعب الإعتراف بأن هذا الإدمان كان يؤثر على تواصلي مع اطفالي، و لكن هذه هي الحقيقة المُرة!


ماذا تنصحين لمن يود أن يخوض هذه التجربة؟

لدي عدة نصائح:

- قبل ان تبتعد عن مواقع التواصل الاجتماعي، اعرف ما هو سبب استخدامك المستمر لها الذي اوصلك الى الإدمان؟


في الغالب نتجه لها في اوقات التوتر او خوفاً من البقاء بدون ان نكون في حالة إنشغال، لأن ادمغتنا تعودت على الدوبامين السريع الذي نحصل عليه من التصفح و مشاهدة المقاطع الصغيرة في انستغرام و تيك توك، و لم نعد نطيق البقاء في حالة الملل او بدون شيء نفعله او نشاهده.


هذا موضوع يطول شرحه و قد اكتب عنه تدوينة منفصلة، لكن بعيداً عن الاستطراد، انصحك ان تعرف بالضبط متى تتجه للتصفح الالكتروني، اذا كان بسبب توتر او للتهرب من دراسة او مهمة صعبة، عليك ان تحل هذه المشكلة اولاً قبل ان تقرر ان تلغي تواجدك الالكتروني.


- بعدها تحلى بالشجاعة و أحذف حساباتك، اؤكد لك انها لن ينقص من حياتك شيئاً.



الى هنا و تنتهي مقابلتي الصحفية مع سارة و مها، الى ان نلقاكم في مقابلات قادمة، لكم مني خالص التحية!


بكل حب

بثينة


ملاحظة: لا تنسوا ان تدلوا بدلائكم اللطيفة و تكتبوا تعليقاً على المدونة، فأنتم بفعلكم هذا تزيدون قلبي حبوراً و بهجة.


















٣١٣ مشاهدة٠ تعليق

Comments


أحدث المقالات

للاشترك في النشرة البريدية

للإشترك في النشرة البريدية

bottom of page