كنت جالسة ذات يوم على مكتبي في بيتي الصغير، الساعة كانت تشير الى العاشرة ليلاً و كنت على وشك ان اغلق جهاز الكومبيوتر المكتبي حتى استعد للنوم، و لسبب ما قررت ان انقل ملفات الدكتوراه التي كنت اشتغل عليها طوال فترة دراستي و المحفوظة في google drive الى الكومبيوتر نفسه، لم اكن اعلم انه سيبدأ بتحميلها على ال Apple iCloud بشكل تلقائي!
بدأت النقل و خرجت من الغرفة، عندمت عدت وجدت رسالة من الgoogle drive تقول انه سيمسح كل الملفات لانه يواجه مشكلة، و المشكلة هي انه اصبح هناك تضارب بين هذا الدرايف و بين سحابة التفاحة!
كيف ذلك! هذه كل ملفات دراستي التي اشتغلت عليها سنوات، عندي نسخة منها و لكنها غير محدثة، هنا بدأت اشعر بالهلع، هلع شديد و شعور غريب، بدأت ارتجف و كأن ماس من الكهرباء يسري في جسدي، بدأت ابكي بحرقة شديدة و احاول قدر المستطاع ان اوقف الذي يحصل امامي على الشاشة لكن لم استطع، انقطع نفسي و بدأت اشهق لأملأ رئتي بالهواء و لكن لا فائدة، الهواء اصبح ثقيلاً جداً و استنشاقه كان مجهوداً قوياً !
لم استطع ان اتوقف عن الشهاق و البكاء، احاول الا يترفع صوتي حتى لا يستيقظ اطفالي فزعين، ادور و ادور في الغرفة مثل المجنونة، زوجي خارج المنزل و لا احد عندي لينقذني مما انا فيه، اتصلت على زوجي و لم استطع الحديث و كأني مخنوقة، رجع زوجي بسرعة الى البيت، و مسك زمام الأمور و حل المشكلة العويصة التي حصلت و هدأني!
كانت تلك ثاني نوبة هلع تحصل لي، اشد و انكأ من الأولى، و كانت مرعبة جداً جداً!
لم تتوقف نوبات الهلع، انتابتني نوبة منذ فترة قصيرة و لكن هذه المرة كانت بدون سبب واضح، و ذلك كان مرعباً اكثر، كيف و لماذا افقد عقلي و صوابي بدون سبب؟ و كأن مخي مثل التلفاز الذي تغيرت القناة فيه من قناة طبيعية صافية الى تلك المشوشة السوداء التي تصدر ضجيجاً مزعجاً!
هالني كيف حصل هذا التغيير في ثوانٍ، و اصبحت اصول و اجول محاولة ان اوقف هذا الهراء الذي يحصل، لم استطع، بكاء و شهيق و زفير سريع لا اقدر على التحكم به!
بعد ما استمرت قرابة ال٤٥ دقيقة، هدأت!
ماذا بعد نوبة الهلع؟
بعد نوبة الهلع يكون جسدي مرهقاً بشكل غريب، و كأني قمت بحصد و حرث ٢٠ فداناً من الاراضي الزراعية!
ألم في العضلات و صداع شديد و وهن و رغبة في النوم او الاستلقاء دون فعل اي شيء، و هذا يستمر الى اليوم الثاني، و لكن بما ان النوبات تكررت، كنت اخذ موضوع الراحة من بعدها بشكل جدي. ففي اليوم التالي لنوبة الهلع:
١.انام و ارتاح، احاول ان انام اطول فترة ممكنة و اخذ غفوة اذا استطعت، في اول مرة حدثت لي، كنت في الجامعة و اخذت اليوم التالي اجازة.
٢.استحم في الصباح حماماً دافئاً حتى لو كان الجو حاراً في الخارج، و ألبس ملابس منزلية مريحة و أحاول ان اجعل الصباح ساكناً قدر المستطاع و تجهيز الأطفال للمدرسة يكون بهدوء و اخرجهم من المنزل بسرعة حتى انعم بوقت هاديء.
٣.اقوم بتمارين استطالة لكافة عضلاتي، لأنها تكون مرهقة و مؤلمة بعد كل ماحدث لها من شد و جذب اثناء نوبة الهلع.
٤.اصلي الضحى و قيام الليل او الوتر، فهي تجلب لي الطمأنينة و الراحة.
٥.اخرج في نزهة في الحديقة لوحدي بدون اي مشتتات، لا استمع الى بودكاست و لا اجلس او اقرأ كتاب، امشي و اتأمل في ملكوت الله و مخلوقاته.
٦.اشرب مشروبات دافئة و اقلل كافيين.
٧. اقوم بأنشطة ارفه فيها عن نفسي، كأن اقرأ بهدوء لساعات او ارسم.
٨. لا اقابل احداً و لا اخرج مع اي احد، احب ان اقضي اليوم لوحدي.
بإختصار، اعيش يوماً هادئاَ صامتاً مليء بالتأمل حتى استطيع ان استعيد توازني النفسي و الجسدي، في اليوم الثالث بعد النوبة يكون ارهاقي اقل من السابق، و للأسف تلك النوبات تأتي مثل الزلزال و تخل توازنك النفسي و الجسدي لعدة أيام.
و لأنه ليس لدي رفاهية الإستمتاع بأيام متتالية من الهدوء و الراحة، اكتفي فقط بيوم واحد و لا استطيع التنازل عنه لأني لا اعلم كيف سيعود عقلي ليقف على قدميه بعد ذلك الزلزال القصير اذا لم يعش الصمت و الهدوء قليلاً؟
نوبات الهلع موضوع حساس و في جعبتي الكثير لأتكلم عنه بهذا الخصوص، لذا لن اقول اليوم ان هذا كل مافي جعبتي!
ماذا عنكم يا اصدقائي؟
اتمنى الا يكون لكم تجارب مع نوبات الهلع، اسم الله عليكم جميعاً، و لكن اذا جربها احدكم، شاركنا تجربتك و ماذا تفعل بعد تلك النوبات لتهدأ نفسك و تعود الى توازنها؟
Comments